بأقلامهن

الحُمرة الحمراء: أطلقي الساحرة داخلك

بقلم مريم ديب

عرضت عليّ الشابة في صالون التجميل عشرات أقلام الحمرة، وسألتني أي لون أريد. قلتُ “أحمر”، واستغربت رنّتها، كأنّ زبونة أخرى تقولها بدلاً منّي. وأتبعتها بـ”الأحمر الأحمر”. ذلك لون لا نضعه كلّ يوم.



ذلك الأحمر فيه كلّ الشرور. لا نطلي به شفاهنا للذهاب إلى الجامعة أو العمل ولا حتى إلى الحفلات أو الأعراس. ذلك الأحمر لا نعرف لماذا يصنّعونه أصلاً لأنّه ممنوعٌ علينا.



تحدّد تدرّجات “الروج” تدرّجات أخلاق المرأة. كلّما خفت اللون وبهت، كلما كانت أخلاق البنت “أرفع”. والأحمر القاني يا ويلاه، لا تتزيّن به إلّا جماعة “اللهم عافينا”.



لا أفهم بالموضة كثيراً، لكني اشتهيت اللون على شفاه نساء أخريات. يقولون إنّه لون القوّة، لون الحماس، لون الشغف، ولون نجمات البوب، ولون الساحرات. كلّ تلك القوّة في إصبع طلاء يتسع في حقيبة يد.



قرّرت أن أتحمّر، وحين خرجت من الصالون، وعلى شفتيّ “الأحمر الأحمر”، شعرت أنّي تطوّرت من بوكيمون صغير إلى بوكيمون كبير، ودبّت فيّ الطاقة. خرجت الجنيّة من القمقم!



أفسحوا الطريق
الانطباع الأوّل مهمّ، وحين تطلين بالأحمر الفاقع على شفتيك، سيبدأ الآخرون بمعاملتك بطريقة مختلفة. العمال في الصالون لم يلحظوا وجودي حين دخلت، وحين خرجت أفسحوا لي الطريق كأنّي ملكة. بيونسيه تسير بينهم. لم يكن ينقصني إلا الصولجان والتاج. سائق الأجرة كاد يترجّل من السيارة ليفتح لي الباب

خطتشيرة
في الأفلام، في الكتب، في الثقافة الشعبيّة، الأحمر هو لون الغواية والخطر. حين ترتدي امرأة فستانًا أحمر في مشهد سينمائيّ، نعرف فوراً أنّها خطيرة، أنّها لم تدخل مجال الكاميرا لتلعب، أنّ في شخصيتها لغزاً ما. لون الأحمر الفاقع على الشفاه يشبه الدرع الواقي. يخفي ما فيك من طراوة لا يجب أن يراها الآخرون دائماً. جربته في المكتب. احترام تعظيم سلام!



كيكة
يقولون إنّ الشكل الخارجي ليس كلّ شيء، لكنّ الملابس والماكياج والتفاصيل الصغيرة مهمّة، لأنّها احتكاكنا الأول مع العالم. حين تطلين شفاهك بالأحمر، تقولين لمن يراك للمرة الأولى هذه سيدة شجاعة، مقبلة على الحياة، ولا تخاف التجريب.



القوّة معي
مع كلّ التوقعات السلبيّة المسبقة حول المرأة التي تختار الحمرة الحمراء، في اللون على الشفاه صباح كلّ يوم شيءٌ من التحدّي والمشاكسة. شفاهي حمراء، ورأيكم لا يعنيني، وتوقّعاتكم لا تحدّد هويتي، ولا مساري، ولا تختصر اهتماماتي. أضع الأحمر على شفتيّ لأنّي أحبّه، ولأني شجاعة وقويّة بما يكفي لكي لا أهتمّ لرأي الآخرين.



يستحقّ العناء
يتطلّب اللون الأحمر احترافية معيّنة لدهنه على الشفتين. أي خطّ خارج الحدّ، قد يشوّه المشهد بالكامل، سواء كان لون الطلاء جافاً أو لماعاً. يحتاج الأمر إلى انتباه عند تناول الطعام، وعند استخدام المحارم. لكنّ الأمر يستحقّ العناء، حتى مع جينز وتيشرت سيجعل الأحمر من اطلالتك مميّزة. الأمر يستحقّ العناء!



الديفا تخرج من القمقم
منذ أسبوعين، أطلي شفاهي بالأحمر كلّ يوم. الأحمر الأصلي. الأحمر الخطير. أنا امرأة عادية، أذهب إلى عملي في الصباح، وأعود في المساء إلى البيت لألعب مع القطط. ما بين الصباح والمساء، في المكتب، في الشارع، في المطاعم، بين الزملاء الأحمر يجعلني ديفا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى