النشاطات

البروفسورة مارلين حيدر قاربت الفكر الاجتماعي عند فرح أنطون في ذكرى يوبيله المئوي ومداخلات لحافظ وزيادة ورطل والعكره عن ابن الميناء الاديب النهضوي المناضل والمتسامح

كرّمت “مؤسّسة الطوارئ”، بالتعاون مع المركز الفرنسي في طرابلس وبلدية الميناء، الأديب النهضوي فرح انطون 1874 – 1933 في احتفال اقيم في فندق “فيا مينا” في ميناء طرابلس، في اليوبيل المئوي للأديب الراحل، في حضور حشد من الفعاليات السياسية والثقافية والتربوية والاجتماعية والدينية والشعبية وأهالي وأحفاد الأديب “فرح أنطون”. وتخلّل الاحتفال عرض وثائقي عن الأديب النهضوي.

 

البداية النشيد الوطني، ثم كلمة لعريف الاحتفال الناشط الثقافي ابراهيم توما الذي عرض مسيرة الاديب الراحل.

 

حافظ

وتطرّقت رئيسة “مؤسّسة الطوارئ” مايا حبيب حافظ إلى هذه المناسبة بالقول: “إيمانا منا بتكريم المبدعين والمثقفين والادباء، وتنظيم نشاطات ثقافية وبيئية واجتماعية ورياضية، والوقوف الى جانب أهلنا في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها وطننا، نكرّم اليوم اديبا من مدينتنا رفع اسم لبنان في المحافل العربية والغربية وهو الاديب فرح أنطون”.

 

وأضافت “هو صحافي، وروائي، ومسرحي، وكاتب سياسي واجتماعي، ورائد من رواد حركة التنوير في العالم العربي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. اشتهر بدعوته الى التسامح الديني بين المسلمين والمسيحيين، وكان اشتراكي التوجّه”.

 

وتابعت: “أراد أنطون أن ينشر في الشرق العربي النظريات العلمية والفلسفية الغربية باعتبارها نظريات حياد موضوعية عالمية، رغم نسبيتها وذاتيتها وارتباطها بتجربتها التاريخية إلى حد كبير؛ لذلك فإنه حتى عندما تناول التراث العربي والإسلامي جاء تناوله انتقائيِّا، بحيث إن علمية النص التراثي عنده تتوقف على مدى اقترابه أو ابتعاده من النص الغربي (المعياري)؛ لذلك أثارت كتابته تحفّظات كثير من الناس”.

 

وقالت: “تحتفل مؤسسة الطوارئ اليوم بالذكرى المئوية للأديب النهضوي فرح أنطون ابن مدينة الميناء طرابلس، وتلميذ معهد بكفتين”، معتبرة أنّه “مثال اللبناني الذي نحب ونفتخر به، هذا هو المواطن اللبناني الذي يرفع اسم وطنه عاليا عبر فكره وأدبه وثقافته. فالثقافة هي الميراث الذي يحّدد معالم تاريخنا كشعب ويضيئ ويرسم مستقبلنا، ونحن نتحدث دائمًا عن الثروة الثقافية التي تميّز الشعوب والأوطان”.

 

حيدر

وتناولت عميدة معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية البروفسورة مارلين حيدر “الفكر الاجتماعي عند فرح أنطون، الذي كان “مدرسًا، وأديبًا، وصحافيًا مستنيرًا، لديهِ رسالةٌ ومسؤوليةٌ اجتماعية قلّ نظيرُها، تُجاهَ أبناءِ مجتمعهِ وأُمتهِ”. مشيرة إلى “أنّ هذه السماتِ العامةَّ التي ذكرناها حتى الآن عن فرح أنطون، تُظهرُ أننا أمامَ شخصيةٍ ثريةٍ، يتعذرُ علينَا ان نُعطيها حقَها بمداخلةٍ قصيرة في نطاق فكره الاجتماعي الذي هو مفتاحُ التغييرِ الثقافي الذي أرادَهُ في زمانه. كما انّ من الضروري أن نعي أنه لا يمكنُنا أن نفهمَ ثقافةَ فرح أنطون إلاّ عبر وضعِها في سياقها التاريخي، وفهم الضغوط الثقافية التي عاشها أديبُنا في زمانه والمختلفة كليا عن ضغوط زمننا”.

 

وأضافت: “حمَّلَ أنطون نصوصَه رؤيةً طموحةً طاولتْ بناءَ “مجتمعٍ انسانيٍ متطورٍ تسودُهُ القيمُ وتحكمُهَ القوانين، ويسمحُ لمن يقرأُه ان يراهُ من زاويةِ تطلعاتِه الذاتية او الشخصية”.

وتطرّقت إلى القضايا والحقوقِ الاجتماعيةِ التي عبّر عنها ونادى بها في زمن كان يصَعبُ فيه تناولُ تلكَ المَسائل”. ومنها “المساواة في المواطنة، إذ كان همُّهُ السياسي والاجتماعي تكوينَ مشرقٍ عربيٍ مُمَيز، قائِمٍ على فكرِ العلمنة، أي فصل الدين عن الدولة الذي هو برأيه أمَرٌ جَوهرِيٌ لتحقيقِ المساواةِ بين المواطنينَ بكل أطيافِهم وطوائفِهم”. معتبرًا أنّ “المجتمعَ الصالحَ يقومُ على مساواةٍ مطلقة بين جميعِ أبناءِ الامة، تتعدَى الفروقَ في الاديان وتتخطى النوع”.

 

وبيّنت أنّ فرح أنطون “أفسح للتنشئةِ الاجتماعيةِ مجالاً كبيرًا في كتاباته، كما فعلَ في خصوص الفكرِ العلماني والدولة ومفهومِ المساواةِ في المواطنية”. مشيرة إلى أنّ “قضايا المرأة قد شكلت جزءا أساسيا من فكرِه. فتعليمُ المرأةِ وتحريرُها وتوجيهها بما ينسجمُ مع دورِها البيتي والاجتماعي والإنساني على حدٍ سواء”، معتبرًا أن “إصلاحَ المجتمعِ وإنهاضِه لا بُدّ أن يشتَمِل على ترقيةِ المرأةِ، وتهذيبِها، وتحسينِ أوضاعِها الاجتماعية، واخراجِها من تَخلُّفِها وجَهلِها وعُبوديَتِها”، وهو الموقن “أن تحسينَ أوضاعِ المرأةِ في الشرق هو المدماكُ الأساسي في ايِّ مشروعٍ نهضويٍ حقيقي”.

 

زيادة

وتحدّث السفير الدكتور خالد زيادة عن حياة فرح انطون اللبناني في مصر والقاهرة، وقال: “إن اللبنانيين كانوا يغادرون لبنان هربا من القمع والتضييق على الحريات، وهذا غير صحيح، في رأي أنطون فرح، حسبما يذكر الباحث مارون عيسى الخوري”.

 

وأضاف: “كان فرح أنطون عثماني الولاء، فهو مع الدولة العلية متحدة، وفي درء مطامع الغرب وروسيا عنها، وليس في تاريخ الجامعة ما يدل من قريب أو بعيد على تقلّبه السياسي”.

ولفت إلى أنّ “فرح أنطون كان يكتب المقالات وهي خلاصة أفكاره التي كوّنها عبر قراءاته وخصوصًا رينان وماركس. فكان مذهبه الديني متأثّرًا بالمفكر رينان، أما أساتذته الكبار فكانوا: روسو وفولتير وكونت وداروين ونيتشه وماركس وابن رشد وابن حنبل والغزالي وعمر الخيام وغيرهم”. مضيفًا أنّ “فرح أنطون كان في اشتراكيته وتأثّره منحازًا إلى العمال، وهذا ما نجده في رواياته ومسرحياته، كما في مقالاته”.

 

وختم: “اندمج فرح أنطون في الحياة المصرية، وأصبح من مؤيدي الحزب الوطني بزعامة مصطفى كامل. وجعل النضال ضد الاستعمار الإنكليزي قضيته، إلى الحد الذي تسبّبت فيه مقالاته بإقفال العديد من الصحف. ومع ذلك لم يهادن ولم يتراجع”.

 

رطل

تحدّث المخرج جان رطل، عن الشق المسرحي لفرح انطون ذاكرًا أنّه “وبعد انتقاله إلى مصر، توجّه الى العمل المسرحي ترجمة واقتباسًا وتأليفًا. بحيث كتب مقالاً طويلافي مجلة الجامعة، مفاده أنّ فن التمثيل مقياس لتمدّن الامّة، وعناصره ثلاثة : الجمهور، الكتّاب والفرق المسرحية”، مشيرًا إلى أنّ “أولى مسرحيات فرح أنطون “البرج الهائل” مُقتبسة عن ألكسندر دوماس الأكبر، وقد عُرضت للمرة الاولى في تشرين الأول عام 1894 قبل إصداره مجلة الجامعة بأربعة أشهر، وبعدها توقّف عن كتابة المسرحيات ثمّ بعد احتجاب مجلته عام 1910 عاد للكتابة المسرحية”.

 

العكره

وقدّم الدكتور أدونيس العكره مداخلته عن “التسامح في فكر فرح أنطون، كمفهوم نهضوي تجاوزته الحداثة”. حضر الحفل حشد كبير من الفعاليات السياسية والثقافية والتربوية والاجتماعية والدينية والشعبية وأهالي وأحفاد الأديب “فرح أنطون”.

وتخلّل الاحتفال عرض وثائقي عن الأديب النهضوي فرح أنطون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: